کد مطلب:240949 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:122

جنبتها «لولا» التکلمة
من خطبة الإمام الرضا علیه السلام قد رواها الصدوق تعرضنا إلی طائفة من كلماتها الحكمیة و انتهینا الی كلمة: «إنما تحد الأدوات أنفسها، و تشیر الآلة إلی نظائرها» [1] و إلیك منها إلی الكلمة المبحوثة:

«و فی الأشیاء یوجد فعالها منعتها (منذ) القدمة، و حمتها (قد) الأزلیة، و جنبتها (لولا) التكملة، افترقت فدلت علی مفرقها، و تباینت فأعربت عن مباینها لما تجلی صانعها للعقول، و بها احتجب عن الرؤیة، و إلیها تحاكم الأوهام، و فیها أثبت غیره و منها انیط الدلیل و بها عرفها الإقرار» [2] .

قوله علیه السلام: إنما تحد الأدوات أنفسها:

قال المعلق: أی إنما یتقید فی الفعل و التأثیر بالأدوات أمثالها فی المحدودیة و الجسمانیة، و لایبعد أن یكون «تحد» علی صیغة المجهول فلا یفسر أنفسها بأمثالها، و إشارة الآلة كنایة عن التناسب أی تناسب الآلة نظائرها و أمثالها فی المادیة و الجسمیة و المحدودیة [3] .

قوله علیه السلام: «و فی الأشیاء یوجد فعالها» قال المعلق: أی فی الأشیاء الممكنة توجد تأثیرات الآلات و الأدوات، و أما الحق تعالی فمنزه عن ذلك كله [4] .

قوله علیه السلام: «منعتها (منذ) القدمة، و حمتها (قد) الأزلیة، و جنبتها (لولا) التكملة».

قال المعلق: منذ و قد، و لولا، فواعل للأفعال الثلاثة -.ی منعتها و حمتها، و جنبتها - و الضمائر مفاعیل أولی لها، و القدمة، و الأزلیة، و التكلمة مفاعیل ثوان.

و المعنی: أن اتصاف الأشیاء بمعانی - كلمة - منذ، و قد، ولولا، و تقیدها بها،



[ صفحه 226]



یمنعها عن الاتصاف بالقدم و الأزلیة و الكمال فی ذاتها؛ فإن القدیم الكامل فی ذاته لایتقید بها. و الأظهر أن الضمائر المؤنثة من قوله: «منعتها» إلی قوله: «عر فها الإقرار» ترجع إلی الأشیاء [5] .

أقول: إن هذه الكلمات موجودة فی بعض خطب أمیرالمؤمنین علیه السلام. [6] فالمناسب بیان الكلمة العلویة المتحدة مع الرضویة.

قال المعتزلی: قد اختلف الرواة فی هذا الموضع من وجهین:

أحدهما: قول من نصب «القدمة» و «الأزلیة» و «التكلمة» فیكون نصبها عنده علی أنها مفعول ثان، و المفعول الأول الضمائر المتصلة بالأفعال، و تكون «منذ» و «قد» و «لولا» فی موضع رفع بأنها فاعلة، و تقدیر الكلام: إن إطلاق لفظة «منذ» علی الآلات و الأدوات یمنعها عن كونها قدیمة؛ لأن لفظة «منذ» وضعت لابتداء الزمان كلفظة «من» لابتداء المكان، و القدیم لاابتداء له. و كذلك إطلاق لفظة «قد» علی الآلات، و الأدوات تحمیها و تمنعها من كونها أزلیة؛ لأن «قد» لتقریب الماضی من الحال، تقول: قد قام زید، فقد دل علی أن قیامه قرب من الحال التی أخبرت فیها بقیامه. و الأزلی لایصح ذلك فیه، و كذلك إطلاق لفظة «لولا» علی الأدوات و الآلات یجنبها التكلمة، و یمنعها من التمام المطلق؛ لأن لفظة «لولا» وضعت لامتناع الشی ء لوجود غیره، كقولك: لولا زید لقام عمرو، فامتناع قیام عمرو إنما هو لوجود زید، و أنت تقول فی الأدوات و الآلات «و كل جسم ما أحسنه لولا أنه فان! و ما أتمه لولا كذا!» فیكون المقصد و المنحی بهذا الكلام علی هذه الروایة بیان أن الأدوات و الآلات محدثة ناقصة، و المراد بالآلات و الأدوات أربابها.

الوجه الثانی:

قول من رفع «القدمة» و «الأزلیة» و «التكلمة» فیكون كل واحد منها عنده فاعلا، و تكون الضمائر المتصلة بالأفعال مفعولا أولا، و «منذ» و «قد» و «لولا» مفعولا ثانیا، و یكون المعنی: أن قدم الباری و أزلیته - عزوجل - منعت الأدوات و الآلات من إطلاق لفظة «منذ» و «قد» و «لولا» علیه سبحانه، لأنه تعالی قدیم، كامل، و لفظتا «منذ» و «قد» لایطلقان إلا علی محدث؛ لأن إحداهما لابتداء الزمان



[ صفحه 227]



و الأخری لتقریب الماضی من الحال، و لفظة «لولا» لاتطلق إلا علی ناقص، فیكون المقصد و المنحی بهذا الكلام علی هذه الروایة بیان قدم الباری تعالی و كماله و أنه لایصح أن یطلق علیه ألفاظ تدل علی الحدوث و النقص [7] .

الوجهان المذكوران و ان كانا محتملین إلا أن الظاهر من ضمیر منعتها، و حمتها، و جنبتها عائد إلی الأشیاء المذكورة قبلها و كلمة «منذ» و «قد» و «لولا» فی موضع رفع فاعلی و القدمة و الأزلیة و التكلمة مفاعیل كما استظهر ذلك كله المعلق الآنف الذكر. و اللكلام تتمة مرهونة بمحل یناسبها.



[ صفحه 230]




[1] حرف الهمزة مع النون.

[2] التحيد 40 - 39.

[3] هامش التوحيد و تعليقته 38.

[4] المصدر السابق. «تحد» ظاهره علي صيغه المعلوم و الفاعل الأدوات.

[5] المصدر السابق.

[6] النهج 76:13، الخطبة 232.

[7] شرح النهج 77 - 76/13.